أعلن وزير النقل معز شقشوق في جلسة عامة في البرلمان منذ ايام أن الوزارة ستشرع في تطبيق تعريفة جديدة للنقل بداية من غرة جوان.
وأعلن يوم امس الرئيس المدير العام لشركة نقل تونس عن دمج 10 تعريفات معمول بها اليوم ضمن ثلاث تعريفات فقط بقيمة 500 مليم ودينار و1500 مليم.
وعلمنا من مصادرنا في الوزارة أن الوزير راسل مختلف الشركات الجهوية طالبا منها جميعا دعوة مجلس الادارة لاعتماد نفس التعريفات الموحدة. رغم أن وضعية الشركات تختلف من واحدة لواحدة، ورغم ان تلك الشركات تجمع بين النقل الحضري والنقل بين المدن وتصل المسافات في بعض خطوطها الى عشرات الكيلومترات.
وعلمنا أن بعض تلك الشركات عبرت عن رفضها لفكرة التعريفات الثلاث الموحدة باعتبار انها ستضر بها كثيرا وطالب بعضها باعتماد مسافة كيلومترية لكل منطقة/تعريفة واحتساب مبلغ محدد لكل كيلومتر عند الخروج من تلك المناطق بحيث يتم تغطية الكلفة الحقيقية للرحلة.
وحيث أننا سبق ان اشتغلنا كثيرا على مشروع منظومة الاستخلاص في شركة النقل بتونس الذي انطلق في 2010 وتكلف الى حدود اليوم ما لا يقل عن 40 مليون دينار وكان من المفروض دخوله حيز النفاذ منذ اواخر 2014. ومازال لم ينطلق الى حد اليوم بسبب الاخلالات العظمى فيه والتلاعب بالصفقات، وقبل ذلك عدم واقعية الدراسات وكراس الشروط التي تم نسخها من مشروع مغربي وتوجيهها لصالح شركة XEROX وشريكتها شركة SMLTP التونسية لصاحبها منجي زيان. وهذه الصفقة الفاسدة كانت محل مهمات تفقد وتدقيق من هياكل متعددة.
وحيث سبق وأن فتحنا تحقيقا حول كل الاخلالات والجرائم لهذا الثنائي في شركة نقل تونس، وقبله لشركة SLIMM لصاحبها منجي زيان نفسه التي زودت اغلب الشركات الجهوية بمنظومة PRODATA وتلاعبت بالصفقات، وحول تواطئ مسؤولين في الوزارة مع تلك الشركات،
وحيث أننا سبق أن فتحنا ملف توحيد منظومة الاستخلاص الذي اعلنت عنه الوزارة والحال أن المشروع الاولي في نقل تونس تعطل تماما، وبينا كيف أن الهدف من تلك العملية ليس سوى تمكين XEROX وشركائها من توسيع مجال تدخلها ومن التهرب من تحمل مسؤولية تأخرها بسنوات في انجاز المشروع الاول،
فاننا نعلم الرأي العام أن هذا التغيير لا ينبع من حاجة شركات النقل ولا ينسجم مع واقعها ولم يتم تشريكها فيه، وانما يخدم فقط مصلحة XEROX والشركات المتعاقدة معها.
والسبب في توحيد التعريفات والاكتفاء بثلاثة عوض الاعتماد على تعريفات متعددة دقيقة بين المحطات حسب المسافات، يعود الى أن منظومة الاستخلاص للمزود الأجنبي لا تحتمل سوى عدد قليل من التعريفات لانها معدة في الاصل للمدن الاوروبية التي يتم تقسيمها الى مناطق تعريفية zones tarifaires محددة عدديا وتتواجد فيها وسائل نقل متعددة في كل منطقة يتم التنقل بينها بنفس التذكرة.
الوزير شقشوق يريد تطويع حاجيات شركات النقل للضوابط والحدود التقنية للمزود، الذي فشل فشلا ذريعا في البلاد، عوض تحميله مسؤولية فشله والخراب الذي تسبب فيه، والبحث عن منظومات تتلاءم مع حاجيات الشركات.
سنعود بالتفصيل لخلفيات هذا القرار والمصالح التي تدفع باتجاهه. كما سنذكر بما حصل في صفقة منظومة الاستخلاص من جرائم وما يحصل في مختلف الشركات من ضياع لموارد كبرى بسبب منظومات الاستخلاص الفاشلة التي أرستها منظومة الفساد في النقل منذ عهد "اله الفساد في النقل" عبد الرحيم الزواري.