قام مرصد رقابة خلال الأسابيع الأخيرة بعملية تقصي بخصوص حالات الانتداب المباشر دون المرور بمناظرات في المؤسسات والمنشآت العمومية. وتفاجأنا بالكم الهائل من تلك الحالات، الى درجة أن الانتداب بالتعاقد المباشر يكاد يصبح القاعدة عوض المناظرات، في ضرب صارخ لمبدأي المساواة والشفافية.
وأفضت عملية التقصي التي قام بها المرصد إلى خلاصة أن جميع الانتدابات المباشرة الحاصلة تتم غالبا في إطار المحسوبية والمحاباة ولا تحترم الإطار القانوني والترتيبي لهذا الاجراء الذي يضبطه الأمر عدد 567 لسنة 1997 المؤرخ في 31 مارس 1997 ومنشور الوزير الأول عدد 38 لسنة 1997.
حيث أنه لا تجوز مخالفة قاعدة الانتداب عن طريق المناظرة في المؤسسات والمنشآت العمومية الا إذا توفر شرط الضرورة القصوى، التي فصّلها الفصل الثالث من الأمر كما يلي:
-القيام بأشغال متأكدة وإصلاحات طارئة أوجبتها ظروف استثنائية،
-زيادة في النشاط غير منتظرة،
- القيام بأعمال موسمية.
وضبط نفس الأمر مدة سنة غير قابلة للتجديد كحد أقصى للتعاقد في إطار الانتداب المباشر وفي حدود الحاجيات المتأكدة. كما يتعين الحصول في بعض الحالات (المنصوص عليها بالفصل 4 من الأمر) على ترخيص مسبق من وزير الإشراف القطاعي على الانتدابات المزمع القيام بها مع الشغور الخاص على مستوى الهيكل التنظيمي وقانون الإطار وتعليل الأسباب الداعية للقيام بهذا الانتداب.
المرصد قام أيضا بتجميع حالات الانتداب المباشر غير القانونية المذكورة في التقارير الأخيرة لمحكمة المحاسبات (من 27 الى 32) (الجدول المرفق). وجمع تقارير الهيئات الرقابية وعددا من تقارير التفقد في الغرض. ويتضمن التقرير السنوي الاخير للهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية توصية بضرورة اعتماد المناظرة كمبدأ للانتداب مع احترام مبدأي المساواة أمام المترشحين والشفافية وتحميل المسؤوليات بالنسبة لحالات الانتداب التي تمت خارج الصيغ القانونية".
وقام المرصد بتجميع برقيات الاضراب وبلاغات النقابات في أغلب القطاعات التي تتضمن مطالبا بإدماج وترسيم الأعوان الوقتيين وحاملي عقود الانتداب المباشر الاستثنائية.
وبناء على كل هذه المعطيات انطلق المرصد في إعداد سلسلة شكايات ضد مسؤولي المؤسسات والمنشآت العمومية وكل من تواطأ معهم من مسؤولين بوزرات الاشراف القطاعي وبوحدة متابعة تنظيم المؤسسات والمنشآت العمومية برئاسة الحكومة، الذين خالفوا الإطار المنظم للانتداب المباشر، وعمدوا الى تمديد أو السكوت عن تمديد العقود الوقتية مرات متتالية من أجل تمكين أصحاب تلك العقود (من أقارب ومعارف وأبناء نافذين ونقابيين) من الادماج دون المرور بمناظرة. وسنعلن عن الدفعة الاولى من تلك الشكايات حال ايداعها في المدة القادمة.
وقام المرصد يوم أمس الاربعاء 15 فيفري بمراسلة رئيس الجمهورية لمطالبته بوقف العمل بآلية الانتداب المباشر بالمنشآت العمومية والمؤسسات العمومية لما يشوبها من تجاوزات خطيرة تمس مبدأ المساواة والسلم الاجتماعي.
كما سيتولى المرصد إعلام الرأي العام في القريب العاجل بعينة من هذه التجاوزات التي ما زالت متواصلة في الحكومة الحالية. حيث تدخل أحد وزراء هذه الحكومة في الفترة الأخيرة لدعوة المسؤول الأول على منشأة عمومية خاضعة لإشرافه إلى عدم إنهاء العمل بعقود انتداب مباشر ووجه له مكتوبا في هذا الصدد حصل المرصد على نسخة منه.