"العطلة من أجل بعث مؤسسة" تسهيل يمنحه القانون للموظفين الراغبين في إحداث مشروع لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد مرتين فقط (الفصل 53 مكرر من القانون عدد 21 لسنة 2003 المتعلق بإتمام القانون عدد 78 لسنة 1985). ويكون التمتع بتلك العطلة وفقا للشروط والاجراءات التي حددها الامر عدد 1617 لسنة 2003، ومنشور الوزير الاول التوضيحي عدد 26 المؤرخ في 7 اكتوبر 2003، الذي يحدد كذلك العقوبات والاجراءات المترتبة في صورة التحيل أو ثبوت مخالفة طالب العطلة للغرض والشروط التي تحصل بموجبها على العطلة.
الهدف من هذا التسهيل هو تشجيع روح المبادرة لدى الموظفين والتشغيل وتطوير القيمة المضافة. ولكن كثيرا ما كان يتم استعمال هذا التسهيل في اطار المحاباة والمحسوبية وتفريغ أشخاص لخدمة مهام ومصالح لمن في الحكم وفي القصبة أساسا (باعتبار أن العطلة تمنحها لجنة في رئاسة الحكومة) .
الصحفي في الاذاعة الوطنية محمد بوغلاب حصل على العطلة في فترة يوسف الشاهد، بعد أن كان تقدم بمطلب إحالة على عدم المباشرة وسحبه بعد ذلك. وحصل في 23 ديسمبر 2019 على العطلة لمدة سنة لبعث "مؤسسة للإنتاج السمعي والبصري والاستشارة واعداد الومضات الاشهارية، مع التعهد بتشغيل ما بين 10 و15 من حاملي الشهادات العليا في اختصاص السمعي البصري". ولم يحصل أي شيء من ذلك، وتوجه بوغلاب في المقابل للعمل ك "كرونيكور" في قناة اذاعية وقناة تلفزية منافستين لمؤسسة الاذاعة الوطنية في خرق واضح للقانون.
مرصد رقابة، الذي يحارب كل أنواع التلاعب بالمال العام والتحيل على الدولة واستعمال النفوذ للحصول على منافع بدون وجه حق، تحرى في ملف الشخص المذكور عبر سلسلة نفاذات الى المعلومة ومراسلات الى رئاسة الحكومة والادارة العامة للإذاعة الوطنية، ونجح في الحصول على وثائق مهمة تؤكد عملية التحيل على الدولة التي قام بها الشخص المذكور. ومنها تقرير للجنة التفقد التي أحدثتها الادارة العامة للإذاعة الوطنية على إثر مراسلاتنا أكد معاينة "مخالفة المعني بالأمر لشروط اسناد العطلة لبعث مؤسسة، وأن النشاط الفعلي للمعني بالأمر يتمثل في عمله بصفة كرونيكور في اذاعة منافسة. وقد تم إعلام سلطة الاشراف بذلك مع المطالبة بإنهاء العطلة من أجل بعث مؤسسة ".
كما دعت بوغلاب للالتحاق بمركز عمله بالإذاعة التونسية، الا أن رئاسة الحكومة تجاهلت المراسلة المذكورة وتم تجديد العطلة لسنة ثانية في تجاوز للقوانين والتراتيب.
يذكر أن الفصل 53 (ثالثا) من القانون 21 لسنة 2003 ينص على أنه "يحجر على العون المنتفع بعطلة لبعث مؤسسة ممارسة نشاط مخالف للغرض الذي تم بعنوانه إسناده هذه العطلة. ويمكن لرئيس المؤسسة أن يأذن في كل وقت بإجراء الأبحاث اللازمة للتحقق من أن نشاط العون المعني يوافق فعلا الأسباب التي أسندت من أجلها عطلة لبعث مؤسسة. وفي صورة ثبوت مخالفة المعني بالأمر شروط إسناد هذه العطلة يتم حالا إنهاؤها واسترجاع المبالغ المالية التي انتفع بها عند الاقتضاء وذلك بصرف النظر عن التتبعات التأديبية ".
القضاء تعهد بالشكاية التي قدمها مرصد رقابة في الغرض وقدم معها ملفا يضم مؤيدات تؤكد تورط المعني في عملية التحيل والتلاعب، وسيصدر حكمه على الشخص المذكور يوم الخميس القادم 3 فيفري، وينهي بذلك حالة الافلات من العقاب واستعمال النفوذ الاعلامي والعلاقات التي يعمد اليها الشخص المذكور. علما وأن فريق محامي بوغلاب حاول اختلاق خلل شكلي بزعم أنه لا صفة ولا مصلحة للمرصد في تتبعه، والحال أن ذلك يناقض القانون وفقه القضاء طوال السنوات الماضية. وأن الأمر يتعلق بالمال العام، باعتبار أن تمويل مؤسسات الإذاعة والتلفزة يأتي أساسا من خزينة الدولة وأموال دافعي الضرائب.
وأمام قوة الملف وجدية المؤيدات، يكثف الشخص المذكور الحضور الاعلامي والمداخلات، ومحاولة الايهام بأن الشكاية استهداف شخصي من طرف شخص رئيس المرصد ضده بسبب مواقفه و"نضالاته".
المرصد بالمرصاد لمثل هذه السلوكيات التي فيها تحيل على الدولة واعتداء على المال العام. وهو رفع ما لا يقل عن 50 شكاية في هذا المجال وسيواصل جهده في الدفاع عن المال العام وعن دولة القانون، وكلنا ثقة في أن القضاء الشريف شريك في هذا المقصد ولا يتأثر بمحاولات التلبيس والتسييس والاستقواء بالمصدح والعلاقات.