يتم هذه الايام تداول المعطيات التي خلص اليها مرصد رقابة في دراسته المعمقة بخصوص تطور كتلة الأجور في تونس في الفترة المتراوحة بين 2010 و2021، أحيانا دون دقة في النقل وأحيانا دون الاشارة الى المصدر.
حتى لا تمر معطيات خاطئة ننشر هنا الأرقام الدقيقة التي خلصنا إليها بعد جهد مضني من تجميع المعطيات من مختلف الميزانيات والاحصائيات الرسمية وتحليلها ومناقشتها مع خبير دولي متخصص :
- معدل الاجر الشهري الخام للموظف العمومي إرتفع من 1298 دينار سنة 2010 الى 2608 دينار سنة 2021
- كتلة الأجور من 6785 مليون دينار سنة 2010 الى 20118 مليون دينار سنة 2021
- نسبة الأجور من الموارد الذاتية للدولة تطورت من 46% سنة 2010 الى 60,9% سنة 2021
- نسبة التأجير العمومي من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من 10,8% الى 18,1%. هذه النسبة من أعلى النسب في العالم
-هذا التطور في كتلة الأجور فيه مكونان رئيسيان : الاول زيادة عدد الموظفين العموميين بما يقارب 47%، والثاني زيادة الأجر المتوسط في الوظيفة العمومية بأكثر من 100%
- بالنسبة للمكون الثاني المتعلق بزيادة الاجر المتوسط في الوظيفة العمومية، تجدر الاشارة إلى أن الزيادة أعلى بكثير من ارتفاع كلفة الحياة خلال العشر سنوات الماضية. حيث بلغت النسبة الجملية للتضخم طيلة تلك الفترة 75%. وهذا ما يعني أن زيادة الأجور العالية والسريعة تسببت بدورها في زيادة التضخم، لأن الزيادة انتقلت بشكل فوري للقطاع الخاص. وهو ما ادخل الاقتصاد في حلقة مفرغة. حيث أن الزيادة المتسارعة في الاجور دون ارتباط بزيادة مماثلة في الإنتاجية أسهمت في مزيد غلاء المعيشة على عموم المواطنين ومزيد تدهور القدرة الشرائية.
- تضاعف الاجور في القطاع العام في ظرف عشر سنوات، لم يواكبه أي تحسين في نوعية ومستوى الخدمات العمومية، ولا أي تغيير في دور الدولة وهيكلة مؤسساتها. وهو ما يتناقض مع ما حصل في الدول المتقدمة وعديد من الدول النامية التي شهدت عصرنة وتطوير الخدمة العمومية مقابل استقرار التوظيف العمومي وانخفاضه في بعض البلدان.
- قمنا في مرصد رقابة بعملية محاكاة لوضعية فيها استقرار لعدد الموظفين العموميين من 2011 الى 2021، وزيادة الاجور وفقا لأرقام التضخم التي تم تسجيلها خلال تلك الفترة. وتبين لنا أن الفارق (الذي كان يمكن أن يوفر مدخرات لصالح المجموعة الوطنية خلال العشرية الماضية) هو في حدود 44 مليار دينار على الأقل (ولو يتم احتساب زيادة التضخم الناتجة عن زيادة الاجور يكون المبلغ أكبر بكثير). وذلك المبلغ يمثل نسبة كبيرة من الدين العمومي. وهو الدين الذي يتوجب على المجموعة الوطنية خلاصه إما بالزيادة في الضرائب (التي تدفعها دائما نسبة قليلة من السكان) أو يتم تحميلها للأجيال القادمة، والحال أن تلك المبالغ لا تدخل في باب الاستثمارات الموجهة لمستقبل أبنائنا وأبنائهم.
الرسم البياني التالي يبين بشكل واضح التوجهات العامة التي استقيناها من الأرقام الرسمية للدولة التونسية.