بين عشية وضحاها انقلب الوضع بالنسبة لوكالة التبغ والوقيد في وسائل الاعلام : من الاشادة بالنتائج الاستثنائية للرئيس المدير العام السابق "الاستثنائي" توفيق عباس الى الحديث عن أزمة خانقة وانهيار قريب.
وانقلبت العلاقة بين توفيق عباس واتحاد الشغل من شراكة وعلاقات مصلحة و"مذاقات" الى انتفاض قيادة الاتحاد والحديث الفجئي عن أزمة كبرى تتحملها الدولة وعن نوايا خوصصة المنشأة العمومية.
مرصد رقابة الذي يتابع وضع الوكالة عن قرب وسبق ان رفع شكاية بخصوص تجاوزات في ادارتها، كما سبق ان رفع شكاية ضد الرئيس المدير العام المقال قبل يوم بسبب استغلال منصبه السابق كمدير ديوان وزير الصناعة والحصول على امتيازات غير قانونية من شركة حلفاء القصرين، يقدم للرأي العام قراءة في الارقام المالية للمنشأة وتطورها خلال السنوات الماضية. ويكشف بالارقام زيف البروباغاندا التي روج لها توفيق عباس قبل اقالته ونقله الى وكالة الكحول (ليمارس فيها نفس الاخلالات ونفس التلاعب). كما يكشف بهذا التحليل ضعف معرفة البيروقراطية النقابية بالاوضاع الحقيقية للمؤسسة.
الأرقام تكشف تراجعا كبيرا على مستوى الإنتاج والإنتاجية وغيابا تاما للحوكمة:
- 391 مليون دينار قيمة الخسائر المتراكمة موفى سنة 2020
- ديون الوكالة تجاه الدولة تقدر ب 300 مليون دينار موفى 2020 من مجموع ديون في حدود 650 مليون دينار
- 247 مليون دينار قيمة الخسائر التي سجلتها الوكالة خلال الفترة الممتدة من سنة 2015 الى سنة 2020
- النتيجة الصافية المسجلة في سنة 2020 تقدر ب 12 مليون دينار ونتيجة الاستغلال في حدود 5 مليون دينار
- النتائج المسجلة في سنة 2020 ليست نتيجة إصلاحات او تحسن على مستوى الحوكمة وأساليب التصرف وانما راجعة أساسا الى الترفيع في أسعار البيع للعموم مرتين مرة في شهر مارس ومرة في أوت 2020. وهو ما ساهم في تقليص الخسائر المتأتية من استيراد السجائر الأجنبية لوحدها بحوالي 50 مليون دينار والتي تمثل نسبة 26 بالمائة من مجموع المبيعات وترحيل شراءات لمواد الصنع لسنة 2021
- هذا بالإضافة الى تراجع خسائر الصرف ب 14 مليون دينار وتسجيل إيرادات مالية بقيمة 11 مليون دينار .
وما يؤكد أن النتيجة المحققة سنة 2020 ظرفية تراجع انتاج السجائر بنسبة 21 بالمائة بين سنة 2019 وسنة 2020 (من 359 مليون علبة سنة 2019 الى 284 مليون علبة سنة 2020 )
ومقابل التراجع الكبير في الإنتاج ارتفع معدل الاجر السنوي للعون الواحد باعتبار جميع المساهمات بنسبة 10 بالمائة من 41.2 ألف دينار سنة 2019 الى 45.5 ألف دينار سنة 2020 أي من 3430 دينار شهريا الى 3795 دينار سنة 2020.
هذه الأرقام تعكس الغياب الكاملة للرقابة من طرف مصالح وزارة المالية ورئاسة الحكومة خلال السنوات الماضية، بشكل سمح لشخص مثل توفيق عباس، الذي صدر في حقه قرار تحجير سفر منذ اوت 2021 بسبب تتبعه في قضية فساد، ان يتلاعب بالارقام ويصنع بطولات وهمية في الوقت الذي تتهاوى فيه الوكالة وتمضي الى الافلاس (المقصود) والحال أنها تشرف في وضعية احتكار كامل على قطاع لا يمكن أن يشهد خسارة مطلقا لو توفر الحد الادنى من الحوكمة والشفافية وحسن الادارة.
طبعا المسؤول الفاشل في بلادنا لا يحمل المسؤولية ولا يعاقب وانما يجازى بالتكليف بمنشأة عمومية أخرى. لهذا وضع البلاد في انهيار متواصل