عندما يستمع الانسان للآية الكريمة “ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون” يذهب به الخيال الى بائع في دكان أو جزار أو خضار يحاول ربح بعض الملاليم الحرام على حساب الحرفاء المساكين عبر الغش بطرق مختلفة في عمليات الوزن.
ولكن ما اكتشفناه عبر شهادات موثقة هذه المدة جعلنا نفهم أن مطففي اليوم ليسوا كمطففي الأمس. مطففون بكوستيم وكرافات يطوعون التكنولوجيا للتلاعب بالموازين ويربحون أموالا لا تحصى ولا تعد في عمليات التطفيف. وبعضهم شخصيات معتبرة في المجتمع.
تصوروا،
يتم التلاعب بوزن كميات الاسفلت المستعمل في بعض مشاريع الطرقات والأشغال العامة دون تعميم، بطرق تكنولوجية مستحدثة وبتواطئ من مسؤولين.
في تلك المشاريع عادة ما يتم احتساب كميات الاسفلت المستعملة بطرق مختلفة : اما بتسعيرها عبر ثمن جزافي للمتر المكعب او ثمن جزافي للمتر المربع أو عبر قياس وزن الشاحنات التي تنقل الاسفلت فارغة وملآنة واحتساب الفارق، وتتم العملية تحت اشراف متفقد من جهة الاشراف على المشروع يسجل الكميات الواردة ويتم على اساسها الخلاص.
تصوروا أين وصل التلاعب !! بعض آلات الوزن يتم تعديل برمجيتها لتحتسب الوزن الحقيقي في صورة كان الوزن تحت مقدار معين (مناسب لأعلى وزن الشاحنات الفارغة)، وتضيف 5 أو 7 أطنان اضافية لوزن الشاحنات الملآنة. بشكل يمكن المقاول المعني من “ربح” مئات الأطنان الحرام يوميا مرات.
جريمة تامة الأوصاف تقع في بعض المشاريع (والحمد لله أن هناك عديد المقاولين الشرفاء) دون اكتراث من أحد وتتسبب في نزيف للمال العام وفي تدهور لمصداقية عديد المؤسسات.
عندنا مثل شعبي يقول “الي يسرق يغلب الي يحاحي”. ولكن الحل ليس صعبا. يكفي أن يتم اعتماد عمليات رقابة فجئية في بعض المشاريع التي حولها شكوك عبر اختيار عشوائي لبعض الشاحنات وعرضها على آلة وزن مختلفة للمقارنة. يكفي ردع حالة واحدة لتخويف المجرمين المطففين المتلاعبين بالميزان. واذا صعبت هذه العملية، يمكن انهاء هذا التلاعب عبر فرض طرق الاحتساب بالمتر المربع أو المتر المكعب مع تكثيف الرقابة على سمك طبقة الاسفلت.
السورة الكريمة نفسها تذكر أصحاب هذه الفعلة بأنهم سيحاسبون في يوم عظيم أمام رب العالمين. وفي انتظار ذلك اليوم نأمل محاسبتهم أمام عدالة البشر انفاذا للقانون وردعا لمن تسول له نفسه التحيل وحفاظا على المال العام.
38