منذ أيام أصدر وزير تكنولوجيات الاتصال والتحول الرقمي فاضل كريم أمرًا حكوميا يحمل تغييرات جوهرية في منظومة حوكمة الشركة الوطنية للاتصالات TUNISIE TELECOM. الأمر صدر يوما واحدا قبل استقالة الحكومة وفاجئ المتابعين بل وحتى اطارات الشركة. الأمر يتضمن تغييرا في تركيبة مجلس ادارة الشركة. ويتضمن تغييرا لجهة تعيين واعفاء المتصرفين الممثلين للدولة في مجلس الادارة التي أصبحت وزير تكنولوجيا الاتصال عوض رئيس الحكومة. ويتم الاختيار على أساس مقاييس وشروط يحددها الوزير نفسه. كما يتضمن الأمر اعفاء الشركة من تطبيق التراتيب المنظمة للصفقات العمومية وتمكينها من استثناء تكون بموجبه الصلاحية لمجلس الادارة لتنظيم شراءاتها بما يتلاءم مع خصوصية نشاطها. الأمر منح مجلس ادارة الشركة صلاحية ضبط الهيكل التنظيمي للشركة وضبط الوظائف العليا بالشركة ونظام تأجير مسيريها. وهو ما يوسع الاستثناء الصغير الذي منح لعدد محدود جدا من الوظائف في اطار تعزيز التنافسية. الأمر أعفى الشركة من التراتيب والاجراءات الملزمة للمؤسسات والمنشات العمومية في مجال التصرف والتفويت في الممتلكات العقارية والمتقولة واسطول المعدات الدارجة. خلاصة القول أن الأمر . هذه التغييرات الجوهرية لو جاءت ضمن رؤية استراتيجية لاصلاح الشركة على اثر تشخيص دقيق وحوار واسع ويضمانات حفظ حق الدولة وحقوق أعوان واطارات الشركة وتعزيز نجاعتها وقدرتها التنافسية لكانت مرحبا بها. ولكن أن تأتي بشكل فجئي عند لحظة الغرغرة للحكومة الحالية، وبشكل استباقي لمشروع قانون حوكمة المساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية الذي هو بصدد النقاش الان في المجلس، فهذا يطرح تساؤلات جدية ويفتح الباب أمام شكوك حقيقية بخصوص الهدف منها. خاصة في ظل الاوضاع الصعبة التي تعيشها الشركة، وبالذات في علاقة بالشريك_الورطة الاماراتي الذي عطل مسار تطور اتصالات تونس عوض تعزيزه. من حق اطارات وأعوان الشركة ومتابعي الشأن العام الشك في دوافع هذه التغييرات في هذا الوقت من طرف الوزير الحالي الذي كان لديه ارتباط وثيق بالشريك_الورطة لأن ذلك الشريك له سوابق خطيرة حيث قام ببيع كل عقارات ومنقولات شركة GO MALTA التي كان يمتلكها بشكل استباقي للتفويت فيها بسعر خيالي لاتصالات تونس التي يمتلك 35٪ من أسهمها في صفقة كلها خروقات وشبهات هي اليوم محل تحقيق قضائي. الخشية أن يكون هدف هذا الامر تسهيل التفويت في عقارات المشغل الوطني #اتصالات_تونس التي وضعتها الدولة التونسية على ذمة الشركة (قرابة 120 مكتب و24 ادارة جهوية وعددا من المقرات والعقارات ومقر مركزي بصدد الاستكمال قيمته عشرات ملايين الدينارات بالاضافة لكل البنية التحتية للاتصالات التابعة للشركة). مرصد رقابة بصدد اعداد سلسلة مطالب نفاذ الى المعلومة للحصول على قائمة العقارات التي تمتلكها الشركة وقيمتها وقيمة البنى التحتية ويتعهد بمتابعة التصرف فيها. ويدعو اطارات وأعوان الشركة لليقظة حتى لا يتم استعمال الترتيبات الواردة في الأمر الجديد لمصلحة الشريك الأجنبي أو أي لوبيات تحاول الاستفادة من حالة الارتباك وغياب سلطة الدولة التي تسود اليوم. اصلاح المؤسسات العمومية يجب أن يكون لمصلحة الدولة وتلك المؤسسات لا من أجل مصالح خاصة للوبيات داخلية وخارجية.
15