مذكرة التفاهم التي تم توقيعها يوم 31 أوت الماضي بين الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد والغرفة الوطنية للمساحات التجارية الكبرى، التي تنص على السماح ببيع السجائر بالمساحات التجارية الكبرى، هي مذكرة غير قانونية ومخالفة لمقتضيات الأمر عدد 1916 لسنة 1995 المؤرخ في 9 أكتوبر 1995 المتعلق برُخص استغلال محلات التبغ.
هذه المذكرة التي يقدمها البعض كخطوة لضرب الاحتكار وتخفيض الاسعار التي تزايدت بشكل خيالي ليست كذلك. ولا يمكن ان تدخل ضمن خانة الاجراءات الكفيلة باصلاح منظومة توزيع التبغ في البلاد. كلمة حق يراد بها باطل لمصلحة لوبيات نافذة.
تخلف منظومة التزويد والتوزيع، التي أكدتها التقارير الرقابية، هي أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع الأسعار. ولكنه تخلف مقصود باعتباره يصب في مصلحة لوبي السجائر الذي يتمعش على حساب الدولة وجيب المواطن.
تقرير الرقابة الداخلية للوكالة لسنة 2017 أكد على أن معدل توقف آلات صنع السجائر يفوق 50 بالمائة سنة 2017. وهو ما يعيدنا إلى شهادة عماد الطرابلسي أمام هيئة الحقيقة والكرامة الذي أشار فيه إلى تواطئ المشرفين على الوكالة آنذاك مع لوبيات تهريب السجائر من خلال تعطيب الالات وتخفيض الانتاج لفسح المجال أمامهم لتغطية النقص وإغراق السوق.
التقارير الرقابية تضمنت توصيات بتحيين ملفات المتزودين (débitants) على إعتبار الاخلالات الكبيرة التي تم اكتشافها. ورغم تعهد الوكالة بالعمل على جرد وتحيين الملفات إلا أن هذا الاخلال ظل متواصلا منذ سنوات.
من ناحية أخرى، لا شك أن اللجان الجهوية لمنح رخص بيع التبغ المحدثة طبقا لأحكام الأمر سالف الذكر تتحمل مسؤولية الفوضى والفساد والاحتكار الذي تتمعش منه لوبيات السجائر والتي تحقق أرباحا سنوية بمئات المليارات.
كل هذه الاخلالات وغيرها معلومة ووردت في عديد التقارير الرقابية منذ سنوات. وعدم تلافيها يؤكد النفوذ المتواصل للوبي السجائر والتبغ.
لن يصلح حال قطاع السجائر بمثل هذه الاجراءات الاعتباطية في ظل غياب شبه كلي لنظام رقابة فعال وأدلة إجراءات في مختلف أوجه التصرف وخاصة على مستوى الإنتاج والتوزيع.
لنا عودة لهذا الملف.
#التدخين_مضر_بالصحة
23