أعطى رئيس الحكومة، هشام المشيشي، يوم الأحد 7 مارس 2021، إشارة انطلاق استغلال القسط رقم 8 من الطريق السيارة بن قردان راس جدير، ليكتمل بذلك مشروع الطريق السيارة مدنين – رأس جدير بشكل نهائي.
إلا أنّ ما ينغص على أهالي مدنين وتطاوين وقابس فرحتهم بهذا المشروع هو التأخير الكبير الحاصل في مشروع انجاز الطريق السيارة قابس مدنين رغم انطلاق المشروعين بالتزامن ورغم أنّ الطريق الذي لم يدشّن بعد يتكون من 4 أقساط فقط تم الانتهاء من بعضها بشكل كليّ لكن دون الاذن باستغلالها.
وتأكّد لدى “مرصد رقابة” بعضٌ من أسباب التأخير الحاصل في المشروعين، من خلال مطلب نفاذ إلى المعلومة قدّمه إلى وزارة التجهيز والإسكان والبنية التحتية التي اعتمدت في ردّها على تقارير أنجزتها شركة “تونس للطرقات السيارة”.
ويستذكر التونسيون بغضب التلاعب الكبير بالتواريخ ومواعيد التدشين الذي قامت به وزارة التجهيز سابقا بخصوص الطريق السيارة صفاقس – قابس، وسط مخاوف من أن يتكرر هذا التلاعب والتقاعس ورمي الوعود جزافا، ويتحول إلى أمر واقع ومكرر في كل المشاريع المنتظرة.
يشار إلى أنّ القسط الثامن من الطريق السيارة بن قردان راس جدير، والذي دشنه المشيشي، يمتد على مسافة 37 كلم، ويعد هذا القسط الجزء الأخير من الطريق السيارة الرابطة بين مدنين وراس جدير ليبلغ طوله الجملي 92 كلم، ويشمل المشروع فضلا عن انجاز طريق سيارة في الاتجاهين انجاز محولين و3 محطات استخلاص وفضائي استراحة إضافة لعدد من المنشآت الفنية والمائية وتقدر الكلفة الجملية لإنجاز الطريق السيارة الرابطة بين مدنين وراس جدير بحوالي 450 مليون دينار، وعاين “مرصد رقابة” اخلال السلطات بوعد يتعلق بفتح محول اضافي جنوب بن قردان.
وتقول شركة “تونس للطرقات السيارة” في ردها على مطلب النفاذ إلى المعلومة الذي تقدم به “مرصد رقابة” إنّ أسباب التأخير التي عطلت انجاز مشروع الطريق السيارة بن قردان راس جدير بمختلف أقساطه تعود في معظمها إلى مشاكل عقارية، بالإضافة إلى “اشكاليات اجتماعية” تتعلق بإيقاف الأشغال بالقوة من طرف الأهالي، وطلبات من بعض الجهات لإضافة منشآت أو محولات، وكذا اشكاليات أمنية تتعلق بأحداث الارهاب التي شهدتها المنطقة عامي 2015 و2016.
أما بخصوص الطريق السيارة الرابط بين قابس ومدنين، والذي لم يدشّن بعدُ، فإنه يمتدّ على 84.320 كيلومترا، وتم تجزأه المشروع إلى 4 أقساط، بكلفة جُملية قدرها 550 مليون دينار.
وتكشف المعطيات التي قدمتها شركة “تونس للطرقات السيارة” إلى “مرصد رقابة” أنّ قسطين من المشروع هما قيد الاستلام الوقتي بتقدم في الاشغال يشمل 100% و99% على التوالي، ما يضع نقاط استفهام كثيرة حول عدم البدء في استغلال هذه الاجزاء التي تم انجازها ضمن هذا المشروع، كما هو معمول به في كل العالم.
على سبيل الذكر لا الحصر، القسط الأول الذي تم انجازه ويمتد بطول 21 كيلومترا من قابس المدينة الى كتانة، وتقول الشركة المنجزة أنه استُكمل بنسبة 100 بالمائة وأنه تم تسليمه فعليا يوم 18 نوفمبر 2020 دون تحفظات، لكنّ تشغيل هذا الجزء من الطريق السيارة الذي يمكن أن يوفر على السائقين نصف ساعة على الاقل، لم يتمّ بعد!
وكذا الأمر مع القسط الثالث الذي يمتدّ بين مارث وكوتين على قرابة 21 كيلومترا وتقول الشركة المتعهدة بإنجازه إن نسبة التقدم المادي للأشغال بلغت 99 بالمائة وأنه في طور الاستلام الوقتي.
وبالعودة الى المعطيات التي تقدمت بها شركة “تونس للطرقات السيارة” إلى “مرصد رقابة”، فإنّ وضعية مجمع المقاولات الذي ينجز القسط الثاني”، ليست على ما يرام، إذ يشكو هذا المجمع من مشاكل مالية مرتبطة بتفشي جائحة كورونا ومشاكل داخلية أخرى.
وتقول الشركة في ردّها إنّ أهم معوّقات انجاز الاقساط الاربعة التي انطلق العمل عليها منذ أوت 2014، هي الاشكاليات العقارية وتحرير حوزة المشروع، والاحتجاجات الاجتماعية والمطالب الخارجة عن الإطار التعاقدي مع المقاولات والتي تتطلّب نفقات عالية غير مبرمجة في العقد الأساسي.
وتفصّل الشركة تلك التعطيلات، ومن ذلك مطالبة أهالي كتانة بإضافة محوّل على النقطة الكيلومترية عدد 23، ومطالبة أهالي مارث بإضافة محول آخر على مستوى النقطة الكيلومترية عدد 38، وكذا مطالبة أهالي الراقوبة بإضافة محول على مستوى النقطة الكيلومترية عدد 73. وكلها مطالبات أدت الى تعطيل انجاز الأشغال في مناسبات كثيرة.
القسط الرابع من مشروع الطريق السيارة قابس – مدنين شهد تعطيلا أضخم، وهو القسط الممتد بين كوتين ومدنين على مسافة 21 كيلومترا، إذ تم فسخ العقد مع مقاولة “كورسان” الاسبانية في جوان 2016، واعادة طلب العروض بخصوصه، ليتم تكليف شركة “شعبان وشركاؤه” بإنجازه منذ أفريل 2018، دون أن تتمكن الشركة الجديدة من ايجاد حلول للمشاكل العقارية.
إلى ذلك، ورد في الردّ على مطلب النفاذ أيضا ما يفيد بتعكّر الوضعية المالية لشركة تونس للطرقات السيارة وعدم توفر اعتمادات اضافية لاستكمال المشروع الذي يموله قرض من الوكالة اليابانية للتعاون، وتم صرف المبلغ المخصص للأشغال بشكل كامل، بحسب افادة الشركة
