أصدرت وزارة المالية يوم 13 أفريل 2021 الأمر الحكومي عدد 204 لسنة 2021 المتعلق بإتمام الأمر عدد 1916 لسنة 1995 المؤرخ في 9 أكتوبر 1995 المتعلق برخص إستغلال محلات بيع التبغ.
وتم في الأمر الجديد إضافة فقرة للفصل الأول فحواها: ” تستثنى المساحات التجارية الكبرى والمغازات ذات الأجنحة المتعدّدة من تطبيق أحكام الأمر عدد 1916 لسنة 1995، على أن يتم بيع التبغ ومنتوجات الاختصاص من قبلها وفقا لعقود تبرم مع الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان، تضبط خاصة شروط البيع والكميات التعاقدية والنقل مع الالتزام بأسعار البيع للعموم. ويتعين المحافظة على الحصة الممنوحة لفائدة الأشخاص الطبيعيين المنتفعين برخص إستغلال محلات بيع التبغ”.
ويأتي هذا الأمر لتسوية الوضعية غير القانونية التي أشار إليها مرصد رقابة في تدوينة بتاريخ 05 سبتمبر 2020 بخصوص مذكرة التفاهم التي تمّ توقيعها يوم 31 أوت 2020 بين الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد والغرفة الوطنية للمساحات التجارية الكبرى، التي تنص على السماح ببيع السجائر بالمساحات التجارية الكبرى.
وكان المرصد قد نبه الى أن مذكرة التفاهم تلك جاءت على إثر أزمة انتاج وتزويد وتوزيع حادة تسببت في انقطاع الدخان وارتفاع أسعاره بشكل جنوني. وأكد أن تلك الأزمة تبدو مقصودة بغرض تمرير قرار بيع السجائر في المغازات، خدمة للوبي المساحات الكبرى النافذ.
وقد اكتشف المرصد لدى حصوله على نسخة من المذكرة، عبر طلب نفاذ، وجود بند ينص على ضرورة التزام طرفي التفاهم بالسرية المطلقة بخصوص التفاهم. وهو ما يوحي بوجود اخلال قانوني فيها وبوجود مصالح غير شرعية لصالح مسؤولي الوكالة مقابل منح الامتياز لأصحاب المغازات. وقد اضطرت الوكالة لنشر المذكرة بعد ذلك. كما اضطرت لتأجيل العمل بها الى ما بعد تنقيح الامر المذكور اعلاه.
لوبي المساحات التجارية الكبرى المرتبط بخمس عائلات متنفذة في البلاد
فرض أجندته ومصلحته على وزارة المالية مرة أخرى بتواطئ مع الرئيس المدير العام لوكالة التبغ توفيق عباس (الذي سبق أن اثرنا شبهات بخصوصه).
قد يمكن هذا الامر من تحسين الموارد الجبائية للدولة ولكن الأكيد أنه لن يقضي على السوق الموازية وعلى التهريب، لأن الاخلالات في مسالك التزويد والتوزيع و “المذاقات” وتوزيع الدخان المحجوز من الديوانة على أعوان الوكالة .. مازالت على أشدها، ولا أحد يكترث باستخلاصات التقارير الرقابية.
هذا الامر سيساهم في زيادة استهلاك الدخان الذي سيصبح معروضا لكل الفئات والاعمار مثل اي سلعة غذائية او غيرها في المغازات. وهو ما يعني ضرب سياسة مكافحة التدخين التي تعمل عليها وزارة الصحة.
من ناحية أخرى، ينص الأمر على ضرورة المحافظة على حصة الاشخاص الطبيعيين الحاصلين على رخص استغلال محلات التبغ. وهذا ضحك على الذقون. لأن أولئك الاشخاص لا يتحصلون الان قبل تفعيل الامر الا على نسبة قليلة من حصتهم فما بالك بعد انطلاق تزويد المغازات. خاصة بعد التراجع الواضح للانتاج حسب تقارير النشاط الرسمية.
مرصد رقابة سيوجه طلبي نفاذ الى مجلس المنافسة والمحكمة الادارية بخصوص رأيهما في هذا الامر، وسيدرس امكانية الطعن في هذا الامر في الأيام القادمة.