التنقيح المشبوه للأمر المنظم للصفقات العمومية يكشف ضعف حكومة الهواة وسوء النية

كما هو معلوم لدى الرأي العام، كان مرصد رقابة قد انفرد مؤخرا بإثارة موضوع سعي حكومة المشيشي للمرور بقوة وبسرعة غير عادية لتمرير تعديلات مشبوهة وغير قانونية للأمر عدد 1039 لسنة 2014 المؤرخ في 13 مارس 2014 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.

وفي هذا الإطار كنا قد وجهنا الى رئيس الحكومة بتاريخ 28 جوان 2021 طلب نفاذ إلى المعلومة يتعلق بطلب رأي “المجلس الوطني للطلب العمومي” حول التعديلات المذكورة المقترحة. وأمام عدم تلقينا أي إجابة في الغرض، كنا قد أرسلنا أيضا صبيحة يوم الخميس الماضي 8 جويلية 2021 بمناسبة برمجة المصادقة على مشروع الأمر الحكومي المتضمن للتعديلات المذكورة ضمن جدول أعمال مجلس الوزراء المنعقد في نفس اليوم، تنبيها عن طريق عدل تنفيذ الى رئيس الحكومة لدعوته إلى سحب مشروع الأمر الحكومي المزمع التداول بشأنه من جدول الأعمال وإرجائه إلى حين استيفاء جميع الاستشارات المستوجبة للغرض مع جميع الهياكل والأطراف المعنية بالصفقات العمومية ولاسيما أخذ رأي “المجلس الوطني للطلب العمومي” بشأنها بعد الاسراع بتفعيله.

ولكن رئيس الحكومة، وبدفع قوي من الكاتب العام للحكومة وليد الذهبي، ارتأى خلاف ذلك، حيث صدر بيان مجلس الوزراء وتضمن في النقطة 16 منه المصادقة على مشروع الأمر الحكومي المومإ إليه “مع تعديله وفقا لملاحظات الوزارات”. وهي صيغة غريبة وغير مألوفة في بيانات مجلس الوزراء، وتؤكد ما سبق أن بيناه حول التسرع المستراب في عرض مشروع الأمر الحكومي على المصادقة دون أن يكون جاهزا للعرض ودون استيفاء الاستشارات المستوجبة في هذا الشأن بما في ذلك رأي المحكمة الادارية.

ولم يقف الموضوع عند هذا الحد، حيث توصل مرصد رقابة بنسخة من مشروع الأمر الحكومي الذي تم عرضه على أنظار مجلس الوزراء وبوثيقة شرح الأسباب المرفقة به، واكتشفنا الضعف القانوني لبعض المحيطين برئيس الحكومة الداعمين لهذه التعديلات المشبوهة.

فبعد تأكيد مرصد رقابة على وجوبية الاستشارة المسبقة “للمجلس الوطني للطلب العمومي” المنصوص عليه بالفصلين 144 و145 من الأمر المنظم للصفقات العمومية قبل إقرار تلك التعديلات، وكذلك ضرورة تقديم المجلس المذكور للتعديلات المقترحة لكل من رئاسة الجمهورية والمجلس التشريعي قصد إضفاء مزيد من الشفافية عليها، بادر هؤلاء “الجهابذة” إلى إدراج إضافة لم تكن موجودة بالمشروع الأول ( نسخة مرافقة) وهي التنصيص في آخر مشروع الأمر الحكومي المزمع إصداره وبالتحديد ضمن الفصل 3 منه على إلغاء الباب الأول من العنوان الخامس برمته ( دون ذكر الفصول 144 و145 المكونة لهذا الباب بقصد التمويه). ويتعلق الأمر باقتراح إلغاء “المجلس الوطني للطلب العمومي” تماما. وتضمنت وثيقة شرح الأسباب في آخرها إضافة مضحكة جداً مفادها أن هذا الالغاء يفيد التعليق الوقتي للمجلس إلى حين إجراء تقييم ثاني مع OCDE لمنظومة الصفقات العمومية ببلادنا.

فضيحة حقيقية لحكومة الهواة!

فكيف يمكن أن يكون الإلغاء “تعليقا وقتيا “؟ وهل يمكن لعقلاء الحديث عن تقييم لهيكل لم يتم تفعيله بعد، بصفة قصدية من المشرف على الهيئة العليا للطلب العمومي، رغم مرور أكثر من 7 سنوات على إحداثه ورغم أهميته الشديدة كهيكل مداولة متعدد المشارب في مجال الصفقات العمومية.

على كل حال، ببساطة ندعو رئيس الحكومة (تكوينه قانوني) وكاتبه العام و”الخبراء” الذين جادت قريحتهم بهذا الحل الغريب إلى مراجعة الدروس، فالنصوص القانونية والترتيبية تبقى سارية المغعول أيها السادة إلى غاية صدور نص قانوني جديد بالغائها. والالغاء لا يكون بمفعول رجعي. وبالتالي فأنتم مطالبون بتفعيل “المجلس الوطني للطلب العمومي” وباتمام استشارة الجهات المعنية. وفي ما عدى فإن هذا الأمر الحكومي المزمع إصداره سيولد ميتا ومصيره الإلغاء من المحكمة الادارية مع تحميلكم المسؤولية أمام الرأي العام وأمام القضاء عن كل ذلك.

في الأثناء قررنا في مرصد رقابة مراسلة كل من المحكمة الادارية ورئاسة الجمهورية والمجلس التشريعي لاطلاعهم بصفة رسمية ومباشرة بالموضوع وبخطورته ولتحميلهم مسؤولياتهم في هذا الخصوص. ونحن كذلك بصدد الاعداد لمؤتمر صحفي سواء بصفة حضورية أو عن بعد في القريب العاجل، وذلك لتسليط مزيد من الضوء على تفاصيل التعديلات المقترحة على منظومة الصفقات العمومية ببلادنا وعلى خطورة تداعياتها وخلفياتها.

اكتب تعليق

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

مرصد رقابة” منظمة وطنية تأسست منذ اكتوبر 2019 هدفها الأسمى ترسيخ ثقافة الرقابة المواطنية على مؤسسات الدولة والمساهمة في إستئصال ظاهرة الفساد عبر كل الآليات والوسائل القانونية وعبر تشجيع وتكريس الرقابة المواطنية من خلال اتاحة مجموعة من الاليات الضرورية لذلك للعموم ، على غرار النفاذ الى المعلومة والتبليغ على الفساد وعدة معلومات مفتوحة اخرى متعلقة بجميع مؤسسات ومنشئات الدولة وذلك بهدف تشجيع المواطنين على القيام بالتبليغ عن حالات الفساد والعمل على تطوير المنظومة القانونية والآليات العلمية المتعلقة بحماية المبلغين على الفساد. يهدف مرصد رقابة الى إعداد دراسات هيكلية ومؤسساتية وتشريعية لتطوير الحوكمة والشفافية وحسن التصرف في الادارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، والتشبيك مع هيئات ومنظمات وطنية ،اقليمية ودولية فاعلة في مكافحة الفساد

روابط هامة

تواصل معنا

+216 90 575 000 / +216 71 783 099
Contact@raqabah.org

خريطة المرصد

جميع الحقوق محفوظة – مرصد رقابة © 2024