حوار عماد الدايمي رئيس مرصد رقابة مع سماح مفتاح على قناة قرطاج +

رئيس مرصد رقابة يكشف عن شبهات فساد تستهدف “ديوان الطيران المدني والمطارات”

كشف رئيس مرصد رقابة، عماد الدائمي، معطيات في غاية الخطورة تتعلق بشبهات فساد وضغوط سياسية يقوم بها مستثمر نافذ ومسنود حزبيا، قد تؤدي لحرمان ديوان الطيران المدني والمطارات من امتياز يمنحه له القانون ويضرّ بموارده وأرباحه في حال نجاح هذا المستثمر في مساعيه.

مساع لحرمان OACA من أرباحه
وقال الدائمي خلال حوار بثّ على قناة (قرطاج +) وأدارته الاعلامية سماح مفتاح، إن لدى مرصد رقابة معلومات عن قضية خطرة ضاغطة بقوة على رئاسة الحكومة عنوانها Express Air Cargo وهي شركة للشحن الجوي السريع لصاحبها أنيس الرياحي، وهو رجل أعمال كان من أبرز ممولي نداء تونس، ثم صار من ممولي قلب تونس.

وقال لبرنامج “هل من إجابة؟” الذي بثّ يوم 19 مارس، إنّ الجميع باتوا يتحدثون عن هذا الملفّ، هذه الشركة لديها طائرتان وتطلب رخصة للتوريد التي يحتكرها حاليا “ديوان الطيران المدني والمطارات” ويحقق منها أرباحا تقدّر بـ 7 مليون دينار سنويا”.

ويحتاج الحصول على رخصة للتوريد إلى لزمة لا يبدو أنّ ديوان الطيران مهتم بطرحها.

وديوان الطيران المدني والمطارات (oaca) هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري وذات شخصية قانونية واستقلالية مالية، ويخضع الديوان لإشراف وزارة النقل ويتولى مسؤولية إدارة وتطوير واستغلال المطارات في تونس.

وتحول سعي شركة Express Air Cargo للحصول على الرخصة الى شرط من شروط استمرار التحالف الحكومي، وبقاء هشام المشيشي في القصبة، وبقاء وزير النقل معز شقشوق في منصبه، بحسب المعطيات التي حصل عليها مرصد رقابة ونشر الدائمي بعضها للرأي العام.

ويقول مدير المرصد خلال مداخلته على (قرطاج +): “نواب يزورون الوزير من أجل حصول الرياحي على هذا الامتياز الذي لا حق له فيه…لوبيات المصلحة باتت تنهش البلاد فمنظومة المصلحة تريد تقديم اللزمة وان يفوز بها مستثمر بعينه والا تطرح للمنافسة!”.

يضيف: “نحن نتابع هذه الوضعية الغريبة وسنتقدم للقضاء بشكاية لمنع هذا الخور، وسننتظر القرارات التي ستتخذها الحكومة في هذا الصدد وكيف ستتعامل مع ضغوط هذا الشخص، وعلى ضوئها سنتحرّك، الان ما لدينا هو معلومات عن ضغوطات سياسية كبيرة على الاطراف التي تمثل الائتلاف الحاكم وعلى الحكومة من أجل فرض مصالح أنيس الرياحي.

وتصف تقارير صحافية الرياحي الذي كان يشغل منصب “أمين مال” حزب “نداء تونس” منذ 19 أكتوبر 2018، بأنه الآن أبرز ممولي حزب “قلب تونس”.

وبتاريخ 17 سبتمبر 2020، استمعت لجنة الماليّة والتّخطيط والتّنمية إلى أنيس الرّياحي بصفته “مستثمرا في قطاع الطيران”. واتهمه بعض النواب بتمويل حزب قلب تونس في انتخابات أكتوبر 2019، مما يضع دعوة الرياحي لحضور جلسة استماع في البرلمان في خانة تضارب المصالح.

ولا تقف القضايا التي يعمل عليها مرصد رقابة عند هذا الحدّ، إذ شدّد الدائمي خلال مداخلته التلفزيونية على أنّ المرصد مستعدّ للكشف قريبا عن قضايا فساد من الحجم الكبير، ومن بينها صفقة حافلات مشبوهة، وقضية تلاعب بالمداخيل تورط فيها مسؤولون عن تمثيليات “الخطوط الجوية التونسية” بالخارج، وأخرى تتعلق بشكاية ضد وزارة الصحة بخصوص صندوق 1818 وغيرها كثير.

المؤسسات العمومية

في تونس 200 مؤسسة عمومية معظمها تأسس في الستينات والسبعينات حين كان للدولة دور كبير وحققت أرباحا طائلة للميزانية، واغلبيتها اليوم صارت خاسرة وعلى شفير الإفلاس.

يقول الدائمي في ذات البرنامج: سنفتح قاعدة بيانات للتونسيين عن كل التقارير المالية والرقابية وعددها يقترب من 1200 تقرير وسنقدم ارقاما دقيقة ومؤكدة مستمدة من تقارير مراجعي الحسابات عن اوضاع المؤسسات العمومية.

ويكشف الدائمي أنّ 13 مؤسسة من 200 مؤسسة عمومية خسرت 11400 مليار متراكمة منذ 31 ديسمبر 2018.

يقول: “الخسائر زادت في الفترة الاخيرة وسببها سوء التصرف والفوضى الاجتماعية ودور النقابات التي هيمنت وتفرض قراراتها وباتت اشبه بدولة داخل الدولة، والتعيينات العشوائية والتعيينات حسب الولاءات”.

يضيف: “مؤسسات عمومية لا تقدم تقارير مراجعي الحسابات مثل الاذاعة الوطنية التي لم تقدم تقاريرها منذ 2013”.

ويرى الدائمي أنّ على الاتحاد العام التونسي للشغل أن يساعد في اخراج المؤسسات العمومية من ازمتها وان يعتبر الفساد خطا احمر، مؤكدا أن التقارير التي اطلع عليها مرصد رقابة تتحدث عن اختلاسات وسرقات، وتمنينا ان يكون للطرف الاجتماعي موقف مما يجري، لكن هنالك منظومة مصالح تمنع ذلك والاتحاد لم يتخل عن القطاعية والدفاع عن منتسبيه حتى لو كانوا مخطئين.

ويرجع مدير “مرصد رقابة” المسؤولية عن هذا الوضع المزري صلب المؤسسات العمومية إلى أنّ “غياب الرقابة من الدولة أدى الى تزايد الخسائر إذ أنها تطبّق فقط توصيات وشروط المانحين الدوليين فيما يتعلق بالتخفيض في كتلة الاجور دون الحرص على تطبيق الشروط المتعلقة بالشفافية”.

هيئة مكافحة الفساد

علق الدائمي على عمل هيئة مكافحة الفساد خلال عهدة السيد شوقي الطبيب، وقال إنّ الهيئة وخلال الثلاث سنوات الماضية ساهمت في تفشي الفساد ونحن نتهمها مباشرة ورئيسها شوقي الطبيب بأنها تنتقي وتشخصن وتوظف وتسيّس الملفات.

يقول: “طالبناه بتفعيل “جهاز التقصي والمتابعة” لأنه أهم جهاز في الهيئة، وله صلاحيات خارقة للعادة، لكنه لم يستجب لذلك لأنه مضطر لتعيين نائب رئيس من هذا الجهاز والقى اللوم على رئاسة الحكومة أو على غياب ميزانية للجهاز… كانت ثمة رغبة لعدم تفعيل العمل بهذا الجهاز”.

ملف الخطوط الجوية

يرى الدائمي أنّ للشركة أزمات هيكلية قبل الثورة والسبب هو الرئيس الراحل بن علي الذي أجبر تونيسار على شراء طائرة رئاسية ببذخ كبير، ثم بيعت بربع ثمنها، وسببت سوء الادارة في عهده خسائر ضخمة.

وفي هذه الشركة تعيينات سياسية وفوضى وتسيب وتضارب مصالح واستقواء من اللوبيات حتى بلغت وضعية غير قابلة للصلاح الا برؤية، ورئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد ساهم في الازمة بتعيينه الياس المنكبي الذي لا علاقة له بهذه المؤسسة ولا بالإدارة، أما الفة الحامدي فلم تكن الشخص المناسب في المكان المناسب، فالتونسار مرتبطة بالبورصة وبمؤسسات السلامة في العالم ولديها وضع خاص.

أحداث آنية

وفي ردّه على أسئلة الاعلامية، عرّج الدائمي على خياراته بخصوص نشاطه في الشأن العام، وانتقاله من العمل الحزبي الى العمل الجمعياتي.

يقول: “كانت وقفة تأمل وأخذ مسافة من الاحداث ومراجعة النفس، هل نحن في الطريق الصحيح أم يلزمني تغيير وجهة لأكون مفيدا في موقع آخر؟”

يضيف: “الانسان الذي يعمل يخطئ ويصيب لكن من المهم مراجعة النفس، وقد اخترت تجربة جديدة من اجل تحقيق اهداف مهمة لي وللبلاد، فطريق الحزب السياسي والعمل البرلماني استوفى حظوظه والعمل الجمعياتي تجربة جديدة تحقق اهدافا جيدة”.

وفي رده على بعض الأسئلة المتعلقة بالأحداث السياسية الآنية، قال الدامي: “لا اهتم بالتسريبات المتداولة، لأن لا وقت لديّ ولا مصداقية لها، ولا نية لي في التعليق عليها أو الدخول في هذه التجاذبات، لكن ما أقوله إنّ المشهد السياسي يحتاج إلى الكثير من الأخلقة لأنه متردٍ جدا حاليا، وليست هذه السياسة التي تعلمتها، وما يحصل من ابتزاز ومن عمل تحت الطاولة عمل مدان، نحن في مرصد رقابة ننآى بأنفسنا عن كل هذا التهريج وتسجيل النقاط ضد الخصوم”.

وبخصوص الوضع في مجلس نواب الشعب، يقول: “ما أراه من تشويش وتهريج وتعطيل في البرلمان تقف ضدّه مجموعات وظيفية وظواهر هامشية ستنتهي سريعا وستطوى صفحتهم ومن كلّفهم بهذا سيسحب منهم البساط، والناس ملّت اسلوبهم، فما يحصل في المجلس الآن لا ينفع الناس، مع غلبة عقلية الفيراج وهي بلا مضمون”.

وشدّد على أن مشكلة الساسة الحاليين في تونس تكمن “في غياب الرؤية في اي مستوى او مسؤولية، وهذه مشكلتنا فنحن نترك الاحداث هي التي تحركنا”.

تأسيس المرصد

وعن فكرة تأسيس “مرصد رقابة” يسرد عماد الدائمي ظروف نشأة المرصد والبدايات. ويقول: “بعد أن غادرت مجلس النواب، انطلقت مع زملاء واصدقاء ومع الصديق محمد عبد المؤمن وعدد ممن اشتغلوا معنا كمساعدين برلمانيين ووسعنا العمل مع متعاونين في هياكل الدولة. وبدأنا بجهد نضالي دون مصاريف في مكتب صغير في باردو، وكنا نمول أنشطتنا بشكل ذاتي وشخصي”.

يضيف: “قررنا أن هذا العمل يجب أن يكبر لكن في اطار الشفافية وقمنا بدق الابواب التي تقدم الدعم، واخترنا مؤسسة وحيدة وهي “المركز الاوروبي لدعم الديمقراطية” ومقرّه بروكسل، وكل مواردنا منشورة على موقعنا على الانترنت، إذ لا نملك حاليا أي دعم بخلاف هذا الدعم الذي يسمح لنا بحرية الحركة وقيمته 400 الف دينار على عامين”.

ويرى الدائمي أنه ورفاقه في المرصد اختاروا الحصول على تمويل من الجهة التي لا تفرض أي اشتراطات.

ويرى أنّ قانون الجمعيات يتيح تلقي الدعم من مؤسسات من الداخل والخارج ومن افراد، لكن بشروط ومن بينها ان الدعم يجب ان يأتي من مؤسسة من دولة لدى تونس علاقة ديبلوماسية معها واعلام الكاتب العام للحكومة في الآجال.
ويمضي قائلا: “كل ما نحتاجه هو كراء مقر، وموظفون، وامكانيات لإنشاء موقع انترنت وموارد لأرشفة معطياتنا وادوات وتجهيزات تسهّل العمل، وقد حددنا حاجياتنا وحصلنا على الدعم وهو منشور على موقعنا”.

ويؤكد أن مرصد رقابة لا يتعرض لاي ضغوط من الممول وأنه غير ملزم بتقديم تقارير اليه باستثناء التقرير المالي، ضمانا للشفافية، بل أكثر من هذا، فقد أرسل مرصد رقابة طلب نفاذ إلى المعلومة للكاتب العام للحكومة حول الجمعيات ومصادر تمويلها ومدى التزامها بالشفافية وحسن التصرف وما هي الاجراءات التي تقوم بها الحكومة تجاه المتهربين من واجب الشفافية.

ويخلص الدائمي الى القول إنّ “المجتمع المدني لا يمكن أن يعيش اذا لا توفر له الدولة دعما وفي نفس الوقت نمنع الدعم الداخلي والخارجي، هذا ما يدفع بالجمعيات للذهاب الى رجال الاعمال واللوبيات ».

اكتب تعليق

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

مرصد رقابة” منظمة وطنية تأسست منذ اكتوبر 2019 هدفها الأسمى ترسيخ ثقافة الرقابة المواطنية على مؤسسات الدولة والمساهمة في إستئصال ظاهرة الفساد عبر كل الآليات والوسائل القانونية وعبر تشجيع وتكريس الرقابة المواطنية من خلال اتاحة مجموعة من الاليات الضرورية لذلك للعموم ، على غرار النفاذ الى المعلومة والتبليغ على الفساد وعدة معلومات مفتوحة اخرى متعلقة بجميع مؤسسات ومنشئات الدولة وذلك بهدف تشجيع المواطنين على القيام بالتبليغ عن حالات الفساد والعمل على تطوير المنظومة القانونية والآليات العلمية المتعلقة بحماية المبلغين على الفساد. يهدف مرصد رقابة الى إعداد دراسات هيكلية ومؤسساتية وتشريعية لتطوير الحوكمة والشفافية وحسن التصرف في الادارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، والتشبيك مع هيئات ومنظمات وطنية ،اقليمية ودولية فاعلة في مكافحة الفساد

روابط هامة

تواصل معنا

+216 90 575 000 / +216 71 783 099
Contact@raqabah.org

خريطة المرصد

جميع الحقوق محفوظة – مرصد رقابة © 2024