أصدرت وزيرة التجارة يوم الاثنين 6 مارس قرارا بمراجعة سعر بيع السكر السائب الموجه للاستهلاك الصناعي والحرفي وذلك بالترفيع فيه بقيمة 26٪ من 1508مليم إلى 1900مليم للكغ. وجاء هذا القرار مباشرة بعد مغادرة الياس بن عامر لمنصب المدير العام للديوان التونسي للتجارة، بما يثبت مسؤوليته المباشرة على بيع السكر بالخسارة لصالح الصناعيين والحرفيين طيلة الفترة الماضية. وهو ما ورد في شكاية مرصد رقابة التي رفعها قبل أسابيع ضد الوفاق الذي يتلاعب بمنظومة تزويد السوق بالسكر من أجل تحقيق مكاسب وأرباحا على حساب المال العام.
هذه الزيادة هي خطوة في الاتجاه الصحيح باعتبار أن بيع ديوان التجارة لمادة السكر لصالح الصناعيين والحرفيين بأسعار مدعمة أقل بكثير من كلفة تزويد السوق بهده المادة، والتسبب في خسائر عالية خلال السنة الماضية، فيه شبهات فساد ومحسوبية كبرى باعتبار أن الغاية من ذلك تمكين هاته الفئة من المستهلكين من مرابيح إضافية في الوقت الذي يعاني فيه الديوان والدولة عموما من مشاكل مالية عويصة.
ولكن هذه الخطوة محفوفة بالخطر وتتطلب مرافقة بإجراءات رقابة صارمة حتى لا يتحول هذا الاجراء إلى فرصة جديدة لزيادة الاحتكار وزيادة أرباح بعض تجار الجملة، وأساسا المساحات الكبرى باعتبارها تحصل على كميات متزايدة من السكر السائب المعد للاستهلاك العائلي بسعر منخفض، وسيكون بامكانها في غياب الرقابة تحويلها إلى المؤسسات الصناعية المرتبطة بها التي تستعمل مادة السكر، بشكل يمكنها من ربح إضافي يفوق 25٪ من الهامش المحدد للصناعيين والحرفيين.
خاصة وأن الديوان التونسي للتجارة عاد في المدة الماضية إلى تزويد المساحات الكبرى بكميات كبيرة من السكر السائب في أكياس 50 كغ موجهة الى الاستهلاك العائلي، بعد أن تقلصت نسبة السكر المعلب في باكوات 1 كغ إلى ما يقارب ثلث حاجيات سوق الاستهلاك العائلي فقط. وذلك بسبب فشل سياسة الديوان الذريع في مجال صفقات تعليب السكر المتعلقة بها شبهات فساد عديدة كانت أيضا محل شكاية مرصد رقابة (وسنعود لتفصيلها لاحقا).
ويؤكد المرصد أنه في صورة عدم اتخاذ وزارة التجارة لاجراءات صارمة للرقابة و“اقتفاء الأثر“ (traçabilité) وتحديد سقف المبيعات وهامش الربح للصناعيين فإن هذا الاجراء سيؤدي إلى أزمة جديدة في السكر المعد للاستهلاك العائلي أكثر حدة من أزمة الصيف الماضي وسيتسبب في إنقطاع مادة السكر في السوق بالتزامن مع فترة رمضان وبعدها. ويتسبب في ارتفاع في أسعار كل السلع التي تعتمد على السكر كمادة أولية.
وينتظر مرصد رقابة إلى حد اليوم فتح بحث تحقيقي في الشكاية التي رفعها ضد لوبي ”منظومة السكر“ الذي تسبب في أزمة الأشهر الماضية واستغلها للحصول على أرباح بالمليارات.
*******
انظر منشورات المرصد بخصوص هذا الملف :
https://www.facebook.com/Raqabah1/posts/735703811241852
https://www.facebook.com/Raqabah1/posts/656076422537925