تقرير بخصوص مشروع تنقيح مرسوم “الصلح الجزائي”

الملخص التنفيذي

يعرض اليوم مشروع القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 والمتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته على مصادقة المجلس النيابي، في ظل غياب كامل لأي نقاش مجتمعي حول هذا المشروعويأتي عرض مشروع التنقيح بعد انتهاء أعمال اللّجنة الوطنية للصلح الجزائي بتاريخ 12 نوفمبر 2023، دون أن يتم إصدار أي تقرير ختامي لأعمالها، ودون أن يتم اعلام الرأي العام بنتائج سنة من دراسة ملفات الصلح والتفاوض مع المعنيين به، وبعدد الملفات المقدمة وعدد اتفاقيات الصلح الوقتية أو النهائية المنجزة، والمبالغ التي تم تحصيلها لصالح الدولة التونسية في إطار تلك الاتفاقيات، ناهيك عن المشاريع التي تم الاتفاق بشأن انجازها من طرف المعنيين بالصلح وفقا لأحكام المرسوم.

مرصد رقابة الذي يتابع أعمال اللّجنة الوطنية للصلح الجزائي منذ تأسيسها، وسبق له أن راسلها لتقديم توضيحات في ملفات تعهدت بها، ولطلب النفاذ إلى معلومات تهم الرأي العام، درس فحوى التنقيحات المقترحة في نص القانونوتبين له إنها لم تغيّر فلسفة المرسوم التي تتعارض مع بعض المبادئ الدستورية ومع القواعد الأساسية للعدالة الانتقالية، ولا تتوفر فيها ضمانات الشفافية والموضوعية.

كما أن التنقيحات لم تعالج اشكاليات حقيقية في المرسوم الأصلي مثل اشكالية قصر الآجال التي تجعل من الوصول إلى اتفاقيات صلح وتنفيذها بشكل دقيق وعادل مهمة شبه مستحيلة خاصة وأن أغلب ملفات الصلح كبيرة ومعقدة.

وواضح أن فكرة الاستعجال في تحصيل الموارد هي أهم العراقيل التي أثرت على طريقة كتابة النص والإجراءات المتبعةحيث تبين لنا أن الهدف شبه المعلن من التعديل هو المزيد من الضغط على المعنيين المفترضين بالصلح الجزائي للتقدم طوعا” بمطالب الصلح والتفاوض حول مبالغ أرفعولكن يبدو أن أثر التنقيح سيكون عكسيا، حيث تم تشديد صيغ الصلح التي تتفاوض بشأنها اللجنة مع المعني بالصلح والمنصوص عليها بالفصل 25 من المرسوم، بشكل سيجعل من إمكانية الصلح مع المعنيين بمبالغ مالية كبيرة صعبة جدا.

كما أثار التقرير اشكاليات عديدة تثيرها التنقيحات المقترحة، وتمس من فعالية ونجاعة وعدالة عملية الصلح الجزائيكما أثار بعض الأخطار التي تحف بالمسار ويمكن أن تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي في البلاد إذا لم يتم تدارك النواقص.

وأكد التقرير على غرابة وخطورة إقحام مجلس الأمن القومي في مشروع الصلح وإعطائه إمكانية القبول والرفض والترفيعباعتبار أن ذلك الأمر يتجاوز صلاحياته وفق الأمر المحدث له، ويتجاوز اختصاصات مكونات المجلس ويدخلها في أمور نسبية وتقييمية دون معايير واضحة بخصوص ملفات أشخاص محالين للصلح الجزائي أصلا بسبب جنوحهم لشراء الذمم والولاءات والرشوة والمحسوبية لتحقيق مصالحهم.

ويهدف المرصد من خلال هذا التقرير إلى التنبيه إلى مواطن الخلل الموجودة في المرسوم الأصلي وفي مقترحات التنقيحويدعو إلى إعادة نظر جذرية حتى يكون هذا القانون خاليا من الإخلالات ويتحقق فيه هدف استعادة أموال التونسيين المنهوبة مع الحفاظ على دولة القانون والمؤسسات.

اكتب تعليق

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي

القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

مرصد رقابة” منظمة وطنية تأسست منذ اكتوبر 2019 هدفها الأسمى ترسيخ ثقافة الرقابة المواطنية على مؤسسات الدولة والمساهمة في إستئصال ظاهرة الفساد عبر كل الآليات والوسائل القانونية وعبر تشجيع وتكريس الرقابة المواطنية من خلال اتاحة مجموعة من الاليات الضرورية لذلك للعموم ، على غرار النفاذ الى المعلومة والتبليغ على الفساد وعدة معلومات مفتوحة اخرى متعلقة بجميع مؤسسات ومنشئات الدولة وذلك بهدف تشجيع المواطنين على القيام بالتبليغ عن حالات الفساد والعمل على تطوير المنظومة القانونية والآليات العلمية المتعلقة بحماية المبلغين على الفساد. يهدف مرصد رقابة الى إعداد دراسات هيكلية ومؤسساتية وتشريعية لتطوير الحوكمة والشفافية وحسن التصرف في الادارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، والتشبيك مع هيئات ومنظمات وطنية ،اقليمية ودولية فاعلة في مكافحة الفساد

روابط هامة

تواصل معنا

+216 90 575 000 / +216 71 783 099
Contact@raqabah.org

خريطة المرصد

جميع الحقوق محفوظة – مرصد رقابة © 2024