وجه مرصد رقابة صباح الجمعة 13 جانفي مراسلة إلى السيد رئيس الجمهورية لمطالبته بالتدخل من أجل إعادة النظر في عقد الصفقة المتعلقة باختيار وتعيين مكتب دراسات مختص لمساعدة شركة نقل تونس لإنجاز جميع مراحل تنفيذ مشروع اقتناء 18 عربة قطار لخط تونس حلق الوادي المرسى الممول مناصفة بين البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوروبي للتنمية والتعمير بتكلفة جملية في حدود 300 مليون دينار.
وبين مرصد رقابة في مراسلته الشبهات والاخلالات في الصفقة المذكورة التي صادق عليها مجلس ادارة شركة النقل بتونس في جوان 2022 قبل أن يصادق على ملحق للعقد في ديسمبر 2022.
حيث وضح المرصد كيف أن مكتب الدراسات EGIS RAIL حصل على الصفقة بطريقة فيها انتهاك لمبدأ المنافسة وفي ظروف تمس بمبدأ النزاهة، بإعتبار أن الشركة المذكورة قدمت العرض الفني الوحيد للصفقة رغم قيام 56 مكتب دراسات بتحميل كراس الشروط من منظومة الشراءات على الخط الخاصة بالبنك الأوروبي للتنمية والتعمير. وهو ما يطرح شكوكا جدية حول امكانية توجيه كراس الشروط، خاصة وأن البنك المذكور قام بتعيين نفس مكتب الدراسات دون اللجوء إلى منافسة في دراسة جدوى مشروع تأهيل وتجديد عربات المترو من نوع سيماس المقدرة كلفته ب 250 مليون دينار.
وهو ما دفع اللجنة العليا لمراقبة وتدقيق الصفقات في جلستها المنعقدة بتاريخ 22 أكتوبر 2020 الى ابداء رأيها بعدم الموافقة على مقترح شركة النقل بتونس قبول العرض الفني لمكتب الدراسات EGIS RAIL وذلك لمحدودية المشاركة.
من ناحية ثانية، فقد تمت اجراءات الصفقة والتقييم أثناء فترة جائحة كورونا في مخالفة للتوصيات الصادرة بالمنشور الحكومي عدد 10 لسنة 2020 بتاريخ 31 مارس 2020 والذي استند بدوره إلى الأمر عدد 156 المؤرخ في 22 مارس 2020 المتعلق بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية سير المرفق الحيوية في إطار تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل. وخاصة التوصية ب “تأجيل آجال تقديم العروض بالنسبة لطلبات العروض التي تم الإعلان عنها أو العدول عنها عند الاقتضاء”.
من ناحية ثالثة، فقد تبين للمرصد أن مكتب الدراسات EGIS RAIL الحائز على الصفقة مصنف في قائمة ال112 شركة التي أصدرتها الأمم المتحدة في 2020 للشركات المشاركة في أعمال الاستيطان وذلك بسبب مشاركته فيما سمي مشروع “ترامواي القدس”، وهو المشروع الذي لقي شجبا دوليا واسعا وردة فعل قوية للنقابات والمنظمات الرئيسية الفرنسية. وقد تم اصدار القائمة تنفيذا لقرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدد 36/31 بتاريخ 24 مارس 2016 والذي يدعو في الفقرة 17 من القرار إلى إنشاء “قاعدة بيانات لجميع الشركات العاملة في أنشطة محددة تتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وبناء على قرار مجلس الأمن عدد 2334 بتاريخ 23 ديسمبر 2016 والذي طالب “الكيان الإسرائيلي” بالوقف الفوري والكلي لكل أشكال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية.
وقدم مرصد رقابة لرئاسة الجمهورية ما يثبت أن مكتب الدراسات المعني بالصفقة يعتبر وفقا للقانون الدولي شريكا في الاستيطان وانتهاك الحقوق الفلسطينية. وهو ما يجعل التعامل معه متناقضا مع ثوابت السياسة الخارجية للدولة التونسية في احترام الشرعية الدولية، خاصة إذا ما تعلق الأمر بنصرة القضية الفلسطينية.
وطالب المرصد رئيس الجمهورية بالإذن للمصالح المعينة بفتح تحقيق في ملابسات الصفقة المذكورة والإذن للهياكل المعنية باتخاذ ما يتعين لإلغاء عقد الصفقة وتذكير الإدارة بضرورة احترام المبادئ العامة للصفقات العمومية وخاصة تعزيز شفافية الصفقات ونزاهتها إضافة إلى احترام سياسة الدولة وتعهداتها الخارجية.